"القطان" تدعم مشاركة خمسة فنانين في برامج إقامات فنية في فرنسا وإيطاليا

الرئيسية في القطان الأخبار "القطان" تدعم مشاركة خمسة فنانين في برامج إقامات فنية في فرنسا وإيطاليا

رام الله – (مؤسسة عبد المحسن القطان):

دأب برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن القطان، خلال السنين الماضية، على دعم عشرات الفنانين الفلسطينيين الشباب للالتحاق ببرامج إقامات فنية في أنحاء مختلفة من العالم، ولاسيما في إقامتي مدينة الفنون في باريس، وإقامة مدرسة الأفكار في إيطاليا.

وقد شارك في الإقامة الأولى حتى نهاية العام 2019، 30 فناناً بصرياً، كما شارك 17 فناناً آخرين من حقول الفنون الأدائية والأدب والسينما، وشارك 16 فناناً في مدرسة الأفكار (UNIDEE) في مؤسسة بوستوليتو في بييلا–إيطاليا، وذلك بناء على اتفاقية شراكة تربط مؤسسة بوستوليتو بمؤسسة عبد المحسن القطان منذ العام 2004.

 

إقامة الفنون الدوليّة "السيتي ديزارت"- إقامة الفنون الأدائيّة

حصل الفنانان مايا الخالدي، ولؤي بلعاوي على منحتيّ الإقامة للعام 2019، لمّدة 3 شهور، ما بين تشرين الأول وحتى كانون الأول 2019.

 

الأغاني الفلكلورية في باريس

تهدف مايا الخالدي من خلال إقامتها في مدينة باريس إلى فهم الأغاني الفلكلوريّة (الشعبيّة) الفلسطينيّة، إذا ما تم طرحها من زاوية مختلفة، وتبحث في اختلاف جوهرها، إن تم غناؤها من غير الفلسطينيين في أماكن غير محتلّة، وتدرس الخالدي العلاقة بين الموسيقى الشعبيّة والناس ومرونتها في التكيّف مع السياقات المختلفة.

وفي إطار بحثها، ستقوم الخالدي بتعلّم حوالي 18 أغنيّة شعبيّة من أرشيفها الرقمّي، الذي عمِلت خلال سنةٍ كاملة على جمعه، وستقوم بدراسة الهياكل الإيقاعيّة للأغانيّ لتكتشف تأثير الزمن على هذه الأغاني، وإمكانيّة تطويرها إذا احتاجت ذلك من خلال ورش عمل وتعاونٍ بين موسيقيين عرب وفرنسيين.

ولدت الخالدي في القدس في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وحصلت على درجة البكالوريوس في الموسيقى المهنيّة (الأداء الصوتيّ والتعليم الموسيقي) من كلية بيركلي للموسيقى.  وعملت في معهد إدوارد سعيد مدرّسةً لنظريات الموسيقى وقائدة لجوقة الفرقة، ثمّ حصلت على درجة الماجستير في الموسيقى من مدرسة جولد هول للدراما والموسيقى في لندن.  وتعمل حالياً على تنظيم معرضٍ موسيقيّ سياحيّ قائم على أساس الصوت مع معهد جوتة في فلسطين.

 

"نسمة ضو" في باريس

يرى عازف العود لؤي بلعاوي في الإقامة سبيلاً لبناء أساسٍ ثابتٍ بين الموسيقيين في العالم، فالموسيقى هي البناء، ولها لغة مفهومة حول أنحاء العالم.  يحاول بلعاوي دراسة كيفية دمج الموسيقى الفرنسيّة والعربيّة والتعلّم عن الفنّ العربي في فرنسا.

سيعمل بلعاوي خلال الإقامة على إعادة إنتاج وتوزيع عمله الموسيقي (نسمة ضو) مع موسيقى الجاز الشرقية مع موسيقيين فرنسيين، وتقديم عرض موسيقي لـ (نسمة ضو - نسيم الضوء) أثناء إقامته في فرنسا.

ونسمة ضو؛ هو عرض موسيقي يتكون من 6 مقطوعات موسيقية لموسيقى الجاز الشرقية الخاصة به، تعتمد على العود الرئيسي، يرافقها الغيتار والغيتار الكهربائي والطبول.

عمل بلعاوي في العديد من المجالات، كالموسيقى المسرحيّة الحيّة، إضافة إلى الموسيقى التصويرية والموسيقى الكلاسيكية الغربيّة والعربيّة، وتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام، بما في ذلك فيلمان بريطانيان.  وبلعاوي من مواليد مدينة جنين، ومن مؤسسي فرقة (the trio Passion)، ويعمل حالياً مدرساً في معهد الموسيقى في جنين.

بالشراكة مع مؤسسة التعاون، والقنصلية الفرنسية العامة، ووزارة الثقافة الفلسطينية تشارك الفنانتان دينا الميمي ودعاء قشطة في إقامة أخرى في مدينة الفنون بباريس لمدّة 4 أشهر، وعلى فترتين متتابعتين.

 

أجساد المُستَعمر "بروباجندا" المُستعمِر

تهدف دينا الميمي من خلال إقامتها إلى دراسة الاستعمار الفرنسيّ للجزائر، عن طريق تركيزها على جماجم الضحايا الجزائريين الذين وقعوا في معركة الزعاطشة في العام 1948.

تعامل الجيش الفرنسيّ مع الجماجم ككؤوس تقديراً لانتصارهم، وعُرضت هذه "الكؤوس" في متحف التاريخ الطبيعي في باريس لعقود، تحت عنوان "تطّور الإنسان والمجتمعات الإنسانيّة".  تحاول الميمي دراسة الجماجم في علاقتها بين موطنها الأصليّ "الجزائر" وزوّار المتحف.  وتؤكد الميمي أنّ الاستعمار يضمن استمراراه إلى الأبد عن طريق إفراغ الجماجم من مضمونها التاريخيّ، وتحويلها إلى قطعٍ فنيّة وتركها دون أصل، أو تفسير، أو حتى اسم.

تحتاج الميمي في رحلتها البحثيّة إلى الوصول إلى الأرشيف وسراديب الموتى في باريس، إضافة إلى المؤرخين الفرنسيّين وصانعي الأفلام، لتصوّر فيلماً قصيراً كمخرجٍ لبحثها.

ترى الميمي أنّ هذه الإقامّة ستكون مميزة لأنّها ستطور معرفتها وبحثها المستمّر في استخدام المُستعمِر لأجساد المستعمَر كأداةٍ لتمرير رسائله والترويج لقوّته.  وفي هذا السياق، تذكر الميمي أن جدّها لوالدها كان أوّل مريض أجرى عملية ناجحة للقلب المفتوح بإشراف أطبّاء إسرائيليين في الخمسينيات من القرن الماضي، وتتذكر كيف استخدم الاحتلال جدّها للترويج لنجاحه.

 

كسر القيود

تركّز دعاء قشطة في أعمالها الفنيّة على البحث عن القضايا الإنسانيّة، إذ إنّها تقوم بإنشاء أعمال مبنيّة على التعبير عن الصدمة المؤقتة أو الدائمة بسبب الحروب والحصار على قطاع غزّة، ومراقبة ردود أفعال الناس وكيفيّة إدارتهم لحياتهم بعد هذه الصدمة، وإبراز الأبعاد غير المرئيّة، عن طريق الترجمة البصريّة للحدث بربط الصورة المعتادة للحدث قبل الصدمة مع الصورة الجديدة.

من خلال إقامتها، ستنشغل قشطة بالتركيز على أساليب الترفيه للنساء في غزّة، لأنّها أصبحت حلماً بالنسبة لهّن، وستعمل قشطة على مشروع "الدراجة الهوائيّة"، تتصوّر نفسها على متن الدراجة كالفارس على حصانه يحارب الأعداء، ولكن المفارقة أن قشطة ستقود الدراجة محاربةً المجتمع وعاداته وتقاليده الخاصّة بالمرأة، وتفوز في النهاية، وتحصل على حريتها وحريّة مثيلاتها في غزّة.

استمّدت قشطة فكرة المشروع من "حبل الغسيل الوطني" للفنان شادي الزقزوق، الذي خلق بداخلها شعوراً بالثورة ضدّ المجتمع وأفكاره العتيقة، والذي سيثري المشروع بإنشاء أعمال فنيّة تحاكي الواقع بين القديم والجديد في المجتمع.

يذُكر أن هذا المشروع هو الثاني لقشطة بعد مشروع "آيس كريم العودة"، الذي تناول أزمة قلّة وجود ثلاجات للموتى في مستشفيات رفح خلال الحرب على قطاع غزّة العام 2014، فاستُخدمت ثلاجات "الآيس كريم" لتخزين جثث ضحايا العدوان.

 

إقامة مدرسة الأفكار (UNIDEE) في إيطاليا

وفي إطار دعم الفنانين المستمّر، يتعاون البرنامج مع مدرسة الأفكار (UNIDEE) في مؤسسة بوستوليتو في بييلا–إيطاليا، لتمكين فنان فلسطيني واحد على الأقل من المشاركة في برنامج الإقامة بشكل سنوي.  وتهدف مدرسة الأفكار في إيطاليا إلى تبادل المعرفة والأنشطة العملية، لتزويد المشاركين بالإلهام والحافز والأدوات لتفعيل مبادراتهم الفنية أو تطويرها.  ويسعى البرنامج إلى تخريج فنانين يجمعون بين الممارسات الفنيّة وعمليات التغيير الاجتماعي خارج حدود الفن.

ويوفّر البرنامج إقامة تعليميّة في إيطاليا لمدّة شهرين (أيلول – تشرين الأول) يقوم على أساس العلاقة بين الممارسات الفنية التشاركية والتحول الاجتماعي والسياسي للمجتمع، وسيشارك الفنان مجد نصر الله في إقامة المدرسة لهذه السنة.

 

الثقافة مُحرّك الشعوب

يؤمن الناشط الثقافي والفنّان مجد نصر الله، أن الثقافة هي وسيلة مهمّة للتأثير على القيم الاجتماعية والعمل، ويمكن للثقافة أن تكون محركاً إنسانياً وديمقراطياً لتحقيق التنمية المجتمعيّة والخطاب النقديّ والتغيير الاجتماعي، لذلك يركّز نصر الله في عمله على تنظيم تجمّعات قادرة على خلق مشهدٍ ثقافيّ نابضٍ بالحياة في الداخل المحتّل، وبخاصّة منطقة المثلث المنطقة التي نشأ فيها.

انطلاقاً من هذه الرؤية، يسعى نصر الله من خلال تجربته في مدرسة الأفكار في إيطاليا إلى المشاركة في حلقات بحث حول استكشاف مفاهيم جديدة لـ "مأسسة العمل الثقافي"، من خلال التعرف على تجارب الآخرين العالميّة، حيث يرى أنّ وجوده في بيئة محفّزة وتعليميّة وغنيّة بالخبرات، سيمنحه الفرصة لتحقيق هدفه المتمثّل في إنشاء مدرسة مستقلّة عن حكومة الاحتلال، من أجل التعليم الشعبيّ الفلسطينيّ في الداخل المحتلّ.

ويعزي نصر الله سبب رغبته هذه إلى مقاومة هدف الكيان المتجسّد بالهوس في فرض هويته الثقافيّة المهيمنة، التي تترجم إلى سياسات عنصريّة تمثّل خطراً على الهويّة الفلسطينيّة لفلسطينيي الداخل المحتّل.

ويطرح نصر الله سؤال العمل للمؤسسات الثقافيّة التي تواجه القيود التي تفرضها هياكل السلطة المهيمنة، والطرق التي يمكن للتعليم الشعبي أن يسخر الثقافة من أجل تعبئة المجتمعات.