بعد 44 عاماً .. لوحة "جمل المحامل" تتكلم!

الرئيسية في القطان الأخبار بعد 44 عاماً .. لوحة "جمل المحامل" تتكلم!

3 رسائل إلى الفنان سليمان منصور أرسلتها يافعات باسم لوحة "جمل المحامل" نفسها، في رد منهن على الرسالة التي كتبها الفنان خالد حوراني في كتابه "البحث عن جمل المحامل"، والمعنونة بفصل "كنوز سليمان"، حيث يتقمص فيها حوراني صوت منصور نفسه ويتحدث عن اللوحة وعلاقته بها.

التقت اليافعات المشاركات في مجموعة "عين وبصر" يوم السبت الماضي.  أصبحن يعرفن الطريق وحدهن، صعدن الدرج المؤدي إلى الطابق الثاني في مكتبة "ليلى المقدادي-القطان"، وهناك على الطاولة كان ينتظرهن كتاب "البحث عن جمل المحامل" للفنان خالد الحوراني.

تعرفت اليافعات على الكتاب الذي يحكي قصة لوحة "جمل المحامل" الشهيرة، وتعرفن على قصة اللوحة التي رسمها سليمان منصور في بداية السبعينيات وانتشرت اللوحة كالنار في الهشيم في كل بقاع الأرض، ودار نقاش حول الفنان ككاتب، والكاتب كفنان، وعلاقة اللوحة بما يدور حالياً من أحداث في القدس.

ومن ثم قرأن الفصل المعنون بـ "كنوز سليمان"، حيث يخاطب فيه خالد حوراني ناصر عمر على شكل رسالة باسم سليمان منصور متحدثاً فيها عن العلاقة الجدلية بين لوحة جمل المحامل وسليمان منصور نفسه رسام اللوحة، إذ إن هناك علاقة خاصة تجمع الفنان بهذه اللوحة التي وكأنها انفصلت عن الفنان وخرجت عن سيطرته، وأصبحت كينونة حرة تتحول لما تريد وأينما تريد.  تبدأ الرسالة في الصفحة 22 من الرواية الصادرة عن دار الأهلية للنشر والتوزيع في عمان-الأردن، حيث احتفل بإطلاق الكتاب في قاعة المسرح بمؤسسة عبد المحسن القطان قبل عامين، وهنا مقطع بداية الرسالة:

 

عزيزي ناصر

تحية طيبة وبعد

سليمان منصور يحكي

"أنا سليمان منصور.  صاحب تلك اللوحة التي ما انفكت تدور حولها كثير من القصص، وقد تكون هذه القصة واحدة منها، فيها شيء من الحقيقة ربما، وفيها من الخيال ما فيها.  تتبع هذه القصة أثر اللوحة ومصيرها، بعد أن أنجزت رسمها وذيلتها بتوقيعي في العام 1973، بهرت اللوحة جميع من حولي وأثرت فيهم، ولم تزل أصداؤها تتداول بين الناس، ليس إعجاباً بها في جميع الحالات، أو بسبب عظمتها بالضرورة، وإنما بسبب انتشارها السريع كالنار في الهشيم.  كنت أراقب ذلك بسرور تارة، وتارة أخرى بقلق.  أراقب نسخ اللوحة التي يعلقها الناس على جدران بيوتهم ومحلاتهم في المدن والقرى والمخيمات، وليس فقط في المعارض الفنية ...".

ومن وحي تلك الرسالة، طلب من المشاركات أن يتقمصن دور لوحة جمل المحامل نفسها، ماذا لو أننا تخيلنا ما الذي ستقوله اللوحة لسليمان منصور بعد 44 عاماً على إنجازها، لقد أصبحت اللوحة أيقونة، وللأيقونة صوت أيضاً، وهنا 3 تخيلات-رسائل كتبتها يافعات ضمن نشاط كتابة إبداعية:

 

إلى من يهمه الأمل

تحية طيبة وبعد،

جمل المحامل يتكلم،

كدت أذوب تحت شمس الصحراء، هربت لموطني بعد غياب، ظننت أنني سأعتاد حياة الترف يوماً ما، لكن هذا اليوم لم يأتِ.  فأنا دائماً أعود الى نقطة البداية.

بدأت رحلتي بين يدين لا أذكر اسم صاحبهما بعد اليوم، رغم أنه كان له الفضل العظيم في بداية سلسلة النزاع اليومي هذا، لو وجدته قبل فنائي، سأرسل له شكراً من نوعٍ خاص.

ذهبت إلى كل الأزقة، رُفِعتُ على سقف يقال إنه أيقونة للتعزيز، ولكنني أراه سجناً بزنزانة ذهبية، لكن العلقم يظل علقماً ولو رُشَّ عليه سُكَّر.

عُرضَ عَليَّ أن يصبح لي عربة، أَجُرُّ بها هويتي، ثمَّ عُرضَ عَليَّ مساعد مجهول الهوية ليَجُرَّ لي العربة حتّى أنّه عُرضَ عليَّ استشارة نفسية للتخلص من الحمولة الداخلية التي لا أريد أن أطلق صراحها.

لكنني قلت لا، لا للتطور الظاهري، لا للترف، لا للراحة العقيمة.  وجدت حبلي مُستخدماً لربط قضية هائجة بلا معنى. فأخذت الحبل وربطت به ما ظَلَّ من كرامة، وحملتها على ظهري لساعات طويلة.

أفضل أن يبقى العبء هذا حقيقياً ومؤلماً، على أن يصبح خيالاً زاهياً بالألوان، تستمتع به الأعين وتتكلم عنه ألسنة الجاهلين.

أحبه أن يظل ببساطة لي بحلوه ومره.  أريده أن يظل بيتي الدافئ، أحمله على ظهري كالسلحفاة، وأعبر به الصحراء كالجمل لوجهة تأخذني لها فطرتي الأبدية.

إلى لقاء آخر.

(هبة عاصي- 15 عاماً)

 

 

أنا لوحتك يا سليمان

عندما انتهيت من رسمي كانت لي فرحة لا توصف، ربما شعرت أنني سوف أكون لوحة من أهم اللوحات في العالم، والآن أصبحت أيقونة تعبر عن نضال شعب فلسطيني وآلام تعششت في قلوبهم.  هل رأيتني يا سليمان عندما كان الفنانون الصغار يرسمونني ويعلقونني كشعار على حائطهم، أو على أبواب الحديد الخاصة بالمحلات العتيقة لآبائهم؟ هل رأيت كيف رسمتني المرأة بالخيطان الملونة على قطعة قماش.  انظر إلى عينيّ فيوجد فيهما أجمل مكان في العالم قد يراه الفلسطيني من بعيد، لا تغر مني يا سليمان، فأنا جسدت الألم الفلسطيني الذي لطالما شعرت به، ونقلت ألم قضيتنا المنسية من عقول العالم.  ولربما هذا الشال الأحمر اللون حول عنق الرجل هو الألم الذي يسري في عروقنا.  ألم تكن فخوراً بي عندما رأيت الناس يتكلمون وينبهرون من مدى شبهة هذا المشهد بماضيهم؟ وعمّا يختصره من كلام داخل باطنهم؟ علمت يا سليمان أنك أصبت بالسكري عندما أخبرني خالد أنك تضع السكرين في كوب الشاي، ربما أنت حزين أو حتى غاضب لا أعلم ما هو الشعور الذي تشعر به  ... لكنني أعلم أنك شعرت بقليل من الفخر من داخلك عندما رأيتني أُعلَّق على الحيطان، وأُرسم على الجداريات في الشوارع، أو كصورة على صفحة فيسبوك أحدهم.

دمت سالماً يا سليمان.

(حلا عايدية - 13 عاماً)

 

 

عزيزي سليمان،

 

تحية طيبة وبعد،

 

ألوانك التي انشقت عن القماش تحكي: لقد وصلت من رحلة بعيدة على أطراف أقدامي من مكان قريب إلى قلبي، وبعيد عن متناول راحتي! لدي قصة طويلة أرويها لك عن سوء فهم إن حصل، لقد مرت سنوات على حملي لوطني على ظهري؛ ذلك الوطن الذي لطالما أيقنت أنه جزء مني، ربطته على خاصرتي أبحرت، مشيت، وطرت وما زلت أحمله بثقل على أكتافي، ألم يحن الوقت لتريحني قليلاً؟ ألم يحن الوقت لتعطيني أملاً بالاستقلال في مكان هادئ ابتعد عنه غروب الشمس، وبقي شروق الشمس موطنه، أيعقل يا خالقي بأن تجعل جزءاً من روحك يعاني!؟ هرمت وما زلت أرجو منك بأن تلقيني عن حملي !... من أناملك الحرة التي كونت وجودي "وجودك".

(لين نواهضة - 13 عاماً)

 

مجموعة "عين وبصر" هي عبارة عن لقاءات فنية فكرية وجاهية/وعن بعد، تستهدف اليافعين (12-16 عاماً)، وتهدف إلى تدريب العين والبصر على التقاط ما يدور حولنا من ظواهر بصرية اجتماعية.