أنهت "المدرسة الصيفية: الدراما في سياق تعلمي"، التي ينظمها مركز القطان للبحث والتطوير التربوي في 2/ 8، في مدينة جرش الأردنية، عامها التاسع، بمشاركة 109 معلمين/ات من فلسطين، ومصر، وسوريا، وتونس، والأردن، وموريتانيا، والمغرب، وعُمان، ولبنان.
واشتملت المدرسة، التي تمّت بإشراف أساتذة ومشرفي مساقات من فلسطين، وبريطانيا، واليونان، على 500 ساعة تدريبية، توزعوا على ستة مساقات تراكمية ضمن ثلاثة مستويات تعليمية على مدار ثلاث سنوات (مساقان للسنة الأولى، ومساقان للثانية، ومساق للثالثة)، إضافة إلى مساق مساند متقدم في مجال الكتابة المسرحية، بإشراف الكاتب المسرحي البريطاني بريان وولاند، والباحث في مركز القطان كفاح فني.
وكانت فعاليات المدرسة بدأت في 23/ 7، حيث أتاحت للمعلمين المشاركين فرصة تكوين فضاء خاص بهم في مجال تعليم الدراما، وبناء خبرات نظرية وعملية، واستخدام الموارد الثقافية وتوظيفها في الدراما، ما جعلها عملية بحثية، فيما تخلل فعاليات الختام توزيع الشهادات على المشاركين ضمن مستويات المدرسة الثلاثة، وعرض مشاهد مسرحية من إنتاج مساق الكتابة المسرحية.
من جانبه، قال وسيم الكردي، مدير مركز القطان، المدير الأكاديمي للمدرسة الصيفية: "في هذا العام هناك تغيرات على مستويات عدة، أهمها ازدياد التنوع في المعلمين والمعلمات من حيث الخبرات والتجارب والمعارف، ومن حيث تنوع الأقطار، وكذلك انضمام عدد من المعلمين الخريجين من المدرسة الصيفية إلى فريق التدريس، وهذا تحول جوهري، حيث يفتح إمكانات لتطور البرنامج على المستوى الوطني من ناحية، والتنوع في المحتوى من ناحية ثانية، وعلى والتوسع في البرنامج من ناحية ثالثة".
وأضاف الكردي: "إن البرنامج لهذا العام أضاف البعد البحثي بشكل واضح في صلب البرنامج، بحيث بات من الممكن متابعة الكتابة البحثية التأصيلية والتأملية والاستقصائية للمعلمين خلال رحلة الكتابة في المستقبل، كما أن البرنامج المسائي كان متنوعاً وغنياً ومتعدد الأبعاد. كما استمر البرنامج في تطوير الحلقة البحثية التي ينخرط فيها معلمون خريجون من المدرسة الصيفية، من خلال برنامج جديد في الكتابة البحثية".
وقال: "إن كل ذلك يشكل أساساً لمرحلة جديدة من العمل، تقوم على تقييم التجربة وموضعتها في السياق العالمي، من خلال التخطيط لمؤتمر عالمي في فلسطين يقوم على تجارب المعلمين في مجال توظيف الدراما في التعليم في العالم، ويشكل فضاء لتجارب المعلمين في فلسطين والعالم العربي التي باتت تتأسس عبر المدرسة الصيفية. التحدي القادم يكمن في تطوير المحتوى وفي تطوير فضاء لتبادل التجارب بين المعلمين المنخرطين في البرنامج".
وقال كوستاس أمويروبولس من اليونان، أستاذ مساق سنة ثالثة: "ركزنا خلال دورات المدرسة التسع على نظرية إدوارد بوند، وتحديداً العناصر الخاصة في المسرح"، متمنياً أن تشهد المدرسة الصيفية تطوراً من حيث انتشار فكرتها، وازدياد عدد المشاركين فيها، وتطوير محتواها بكل ما جديد في مجال توظيف الدراما في التعليم".
بدورها، أكدت المعلمة ميسرة أبو شعيب، من قطاع غزة "أن الدراما تفتح آفاقاً لدى المعلم معبر طرح أي موضوعات أو تحديات يود مناقشتها أو تعليمها لطلابه، ما يجعل الطالب يلعب أدواراً مختلفة داخل الحدث الدرامي، كما يجعله يستكشف المواقف التي تساعده في تعليمه، وهو يستشعر المشاعر والمواقف من أجل بناء تعليم مغاير له، يرى المنهاج والعالم بطريقة مختلفة، عبر لعب الأدوار والاستكشاف والتأمل في هذا العالم".
من جانبه، قال عزيز غنيم، معلم فلسفة في المغرب العربي: "وجدت تفسي جزءاً من المدرسة، كوني أستاذ فلسفة، وجدت نفساً فلسفياً في الدراما، فالطريقة المتبعة في تعليم الدراما تقوم على توظيف استراتيجيات متطورة جداً في تكوين المعلمين وتطويرهم وتطوير تعليمهم داخل غرفة الصف".
وأضاف: "الفلسفة حاضرة في الدراما، فالدراما التكونية في رأيي تتيح للمعلمين فرصة كسر التصورات الشائعة والأحكام الجاهزة والصور النمطية، من أجل بناء تصورات ومواقف تقوم على أسس متينة تقطع كل التصورات التقليدية المتحجرة أحادية النظرة".
واتسمت دورة هذا العام من المدرسة الصيفية بازدياد عدد المشاركين من الدول العربية. وقالت أحلام ديراني من لبنان التي تشارك في المدرسة للعام الثاني على التوالي: "في السنة الماضية كانت الدراما بالنسبة لي أداة لطرح الأسئلة التي تسائل المجتمع والعادات والتقاليد والمنظومات الثابتة في المجتمع، فالدراما تكسر منظومات الأفكار النمطية ومنظومة الأفكار السائدة، وهذا ما تحاول المدرسة إنتاجه".
وأضافت: "هذا هو التحدي الأصعب للمدرسة الصيفية، أن تُسائل الأفكار السائدة في المجتمع، وتحاول زعزعتها بما يمهد لنمو أفكار تؤسس للتطور والتقدم".
مساق الكتابة المسرحية
أما فيما يتعلق بمساق الكتابة المسرحية، الذي يشارك فيه 12 معلماً ومعلمة من خريجي المدرسة الصيفية، فأشار وولاند إلى أن المساق "ركّز على الدور والشخصية، والتفكير البصري، والديكور، وكيف تحمل الأغراض معنى عميقاً في المسرحية؟ كما تم التركيز على الحوار والصوت، والمعنى ما وراء الظاهر. فالمسرح الجيد عبر التاريخ كان في جوهره تعليماً".
بدوره، قال فني: "تمحور الجزء الثاني من مساق الكتابة المسرحية حول المحتوي، وكيف نستخلص المحتوى الشعري من المحتوى العادي أو اليومي، وذلك عبر تكثيف الاختيار وتعميق القضايا، وقد قام المشاركون في المساق بإنتاج مشاهد من كتاباتهم وقدموها في اليوم الختامي للمدرسة الصيفية، وسيتم النظر في تلك النصوص وتحويلها إلى نصوص مسرحية كاملة".
الإطار البحثي في المدرسة
وصمم برنامج المدرسة الصيفية ليشمل موضوعات في الدراما والبحث، والتفكير والتأمل في الكتابة البحثية، مع التركيز على السؤال البحثي، والبحث كسياق لتوثيق عملية التعليم التي تحدث للمعلمين وللطلبة، وذلك بإشراف د. صبيح صبيح، حيث تم عقد ثلاثة لقاءات بحثية لطلبة المدرسة الصيفية، وعدة لقاءات فردية للمعلمين، تمحورت حول البحث والدراما.
ويضم فريق الأساتذة لدورة هذا العام: وسيم الكردي، مالك الريماوي، كفاح فني، سوسن مرعي، معتصم الأطرش، يوسف الخواجا، فيفيان طنوس (من فلسطين/مركز القطان)، كوستاس أمويروبولس (من اليونان)، لوك أبووت، ريتشارد كيرن، ماغي هلسون، بريان وولاند (من بريطانيا)، والإشراف البحثي د. صبيح صبيح (فلسطين).
وأشارت ديما سقف الحيط، المسؤولة الإدارية عن المدرسة الصيفية "برنامج المدرسة المسائي متنوع، حيث يتضمن ورشة تستهدف طلاب السنة الأولى وتستمر على مدار يومين حول نظرية إدوارد بوند، بإشراف كوستاس أمويروبولس، وورشة عمل حول الكتابة المسرحية وعلاقتها بالدراما، بإشراف المسرحي البريطاني بريان وولاند، وهي موجهة لمستويات المدرسة الصيفية كافة، كما تخلل المدرسة عرض فيلم بعنوان "تيمبوكتو" للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو".
وأضافت: "كما أن هناك ورشة سينمائية بعنوان "هل حاولت سماع صوت السينما؟"، بإشراف يوسف الصالحي، وهو فنان شاب، يعمل حالياً على إنتاج فيلم حول محتوى المدرسة الصيفية لهذا العام، وسيتم بثُّه على الموقع الإلكتروني لمؤسسة عبد المحسن القطان".