المعلمة جيهان فحل تتحدث عن تجربتها في مسار الطفولة المبكرة ضمن مشروع "طفل مبدع .. مستقبل مشرق"

الرئيسية في القطان الأخبار المعلمة جيهان فحل تتحدث عن تجربتها في مسار الطفولة المبكرة ضمن مشروع "طفل مبدع .. مستقبل مشرق"

رام الله – (مؤسسة عبد المحسن القطان – 13/5/2023):

 

نضيء في هذه السلسة المكونة من ثلاثة مقالات على تجارب ثلاث من المعلمات المشاركات في مشروع "طفل مبدع .. مستقبل مشرق" ضمن مساراته المختلفة، اللاتي خضن في مجموعة تراكمية من التدريبات النوعية التي تنفذها وحدة التكون التربوي في برنامج الثقافة والتربية بمؤسسة عبد المحسن القطَّان، على أيدي مختصين وخبراء، بالتعاون مع مؤسسة دروسوس ووزارة التربية والتعليم.

في هذه المقال نشارك جوانب من حوار أجريناه مع معلمة المرحلة الأساسية ورياض الأطفال جيهان ناصر فحل، حول مشاركتها ضمن مسار الطفولة المبكرة، وكيف غير المسار من شخصيتها كمعلمة، وكإنسانة، وكيف غير في ممارستها الصفية.

 

تقول فحل: "تمكنت من خلال هذه التدريبات أولاً أن أتغلب على مخاوفي وارتباكي أثناء الكلام أمام الناس، فقد كنت أرتبك كثيراً أثناء الإلقاء الوجاهي، أما الآن، ومن خلال التدريبات، والعمل الجماعي، والفرصة التي سمحت لنا بها هذه التدريبات، فقد أصبحت أتكلم أمام الناس بطلاقة وجرأة عالية".

 

وتضيف أن الغرف الصفية تحولت من مجرد سبورة وأقلام وألوان إلى مشاريع فنية واقعية وخيالية في الوقت نفسه، وأسهمت في تنفيذ مجموعة من الإنتاجات المتنوعة، وذلك بالاستناد إلى تغير كيفية العرض للمعرفة بحد ذاته، موضحةً: "اختلفت طريقة كلامي وتعاملي مع الأطفال، من الحديث بصيغ مشابهة لـ "يا أطفال، ويا حلوين"، إلى صيغ أكثر جدية ونضج مثل "مشروعنا، وقصتنا، وخبراء، وما رأيكم؟ وماذا تتوقعون؟"، ما يضفي نوعاً من الثقة والشغف لديهم أثناء العمل، فهم الآن خبراء متخصصون يعملون لتحقيق هدف وغاية محددة، ويصنعون المعرفة، ويتخيلون ويبدعون وينجزون المهام المطلوبة منهم بحب وإتقان".

 

وتشير فحل إلى أن لب التدريبات هو تنمية مهارات الخيال والإبداع والاستقصاء والفنون، بحيث تم التركيز على تنمية قدرة المعلمات على توظيف هذه المهارات الثلاث السابقة في سياقات ومنهجيات في التعليم.  كما ركزت التدريبات على الدراما والقصة، والتعلم عبر المشروع، وعباءة الخبير، والقصة سياق تعلم، وتدريبات على التعليم عبر اللعب ونظام "ستيم"، وتدريبات خاصة في فهم أساليب التعامل مع الأطفال بما يتناسب مع خصائص النمو الخاصة بمرحلتهم العمرية، وتطوير أدوات وطرق تعلم حديثة تنمّي مهارات التفكير لديهم.

 

وتضيف أن البرنامج استطاع أن يطلعها على الإمكانيات والأدوات كافة، التي تساعد المعلمين والمعلمات على الالتقاط النبيه واكتساب معارف جديدة، لتحويلها إلى ممارسات تعليمية فاعلة وفعالة، دون تكاليف عالية، حيث إن أدوات الدراما والخيال قابلة للتنفيذ في أي مكان، وتقديم المعرفة دون الحاجة إلى أي أدوات مكلفة.

 

وتقول فحل: "عند تطبيق أول عباءة خبير وأول تدريب كنت أحدث نفسي أين أنا؟ وماذا أفعل هنا؟ أسئلة كثيرة كانت تدور في رأسي، هل سأستفيد من هذا التدريب؟ أم أنه مجرد ضياع للوقت، لكن مع التدريبات المكثفة؛ اختلف الموضوع عندي، وأصبحت قدرتي على تطبيق هذه الأساليب بدرجة جيدة من الإتقان".

 

في هذه التجربة انطلقت المعلمة من تحويل التدريبات التي تعرضتْ لها إلى سياقات تعلم يمكن تطبيقها والعمل بها داخل الغرفة الصفية، والاستفادة منها قدر المستطاع لتحقيق أهداف التعلم والتعليم، وتحقيق جوانب النمو لدى الأطفال، إلى جانب دمج كل الأساليب التي تعلمتْها دون استثناء، وكل المعلومات التي حصلتْ عليها رأتْها ذات أهمية كبيرة، فاستخدمتْ القصة، والعمل بالمشروع، وعباءة الخبير، والترميز ونظام "ستيم".  وقد اهتمت، بشكل أساسي، أن تعمل المعلمة والأطفال معاً في التطبيق وأن يحصلوا على المعرفة معاً.

 

وفي هذا السياق، أوضحت فحل أن التحول كان جذرياً في الأدوار، فقد تحول دورها من معلمة ملقنة للمعرفة تقدم المعرفة على طبق جاهز ليتم حفظها من قبل الأطفال -وعليه سرعان ما ينسونها- إلى معلمة موجهة ومنظمة ومخططة، وبذلك يتحول دور الطفل من المتلقي، فقط، إلى المكتشف المستقصي الذي يبحث عن المعرفة من خلال الخيال والدراما والإبداع، فالطفل هنا يصبح هو محور العملية التعليمية يكتشف، ويبحث، ويبدع، ويفكر، ويخطط، وهو الخبير في مجاله، يبحث عن الحلول المناسبة، ويصنع الأدوات، ويخطط، ويشارك في صنع القرارات.

 

وتضيف: "أما عن تقبلهم للتغيير؛ فقد تقبل الأطفال هذا النمط دون شعورهم بذلك، ودون إجبار، وقد أحدثتُ تغييراً ملحوظاً في بعض السلوكيات وتم تعديلها من خلال الدراما وعباءة الخبير، كما في ذلك القوانين والالتزام بها، واحترام الأطفال للمعلمة والاستماع لها لم يعد من باب الخوف من امتعاضها، إنما تحول إلى التزام نابع من تفهمهم لتلك القوانين والالتزام بها بوعي ورغبة.  وقد كان لدعم أولياء الأمور وتعاونهم معنا دور كبير في هذا الإنجاز".

 

يذكر أن وحدة التكون التربوي/برنامج الثقافة والتربية في المؤسسة، نجحت، بمشاركة مجموعة من المعلمات والمعلمين، في تأسيس مرحلة جديدة واعدة لطفل مبدع قادر على العطاء والتقدم نحو مستقبل مشرق في مجالات العلوم والتكنولوجيا، والرياضيات، واللغة الإنجليزية، ورياض الأطفال، بمنهجية تمنح الطلبة أحقية المشاركة والتفكير والتقمص والتجربة والتعبير، بحيث يكون لدى المعلم/ة المساحة الكافية لتقديم المادة العلمية في الغرفة الصفية بطريقة أكثر تطوراً وحرفية.

 

تجدر الإشارة إلى أن مشروع "طفل مبدع .. مستقبل مشرق" يركز على تقديم تجربة تعليمية متكاملة طويلة المدى، لمساعدة المعلمين والأطفال في فلسطين على تطوير قدرات التحليل والبناء والتأمل والتعبير عن وجهة نظرهم بحرية، وأخذ زمام المبادرة نحو تعلمهم، وتصميم وتنفيذ مشاريع جماعية لمجتمعهم.

 

ويتوزع المعلمون المشاركون في المشروع على ثلاثة مسارات تعليمية: هي مسار "الدراما في التعليم"، الذي يستهدف معلمي المرحلة الأساسية العليا والثانوية؛ مسار "الطفولة "المبكرة"، الذي يستهدف مربيات رياض الأطفال ومرحلة ما قبل المدرسة؛ مسار "التعلم عبر المشروع" الذي يستهدف معلمي العلوم والتكنولوجيا والرياضيات للمراحل الأساسية من الصفوف الخامس إلى العاشر.

 

ويشرف على هذه المسارات كل من مدير وحدة التكون التربوي د. نادر وهبة، والمختصين التربويين مالك الريماوي، وفيفيان طنوس، ومعتصم الأطرش.