عرض فيلم "الريحان الدامي" في مركز المعلمين في نعلين

الرئيسية في القطان الأخبار عرض فيلم "الريحان الدامي" في مركز المعلمين في نعلين

 

الريحان كلمة محمّلة بمعاني الجمال والراحة والدفء والحنان المخملي، تحولت بفعل الاحتلال والجهل والظلم وغياب العدالة واضطهاد المرأة في منطقة الأغوار إلى نزيف دموي دائم ومستمر في حياة المرأة الفلسطينية العاملة في الزراعة؛ زراعة الريحان وكل ما يزرع في منطقة الأغوار.

 

هذا ما قدمه فيلم "الريحان الدامي" الذي تم عرضه في مركز المعلمين، نعلين/برنامج البحث والتطوير التربوي في مؤسسة عبد المحسن القطان، السبت الماضي، بالتعاون مع مؤسسة "مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية"، ضمن نادي السينما الذي ينظم مع مجموعة من نساء نعلين، بمشاركة نحو 20 سيدة ومعلمة من نعلين.

 

يتناول فيلم الريحان الدامي (Bloody Basil) للمخرجة إيليا أبو غربية، ومن إنتاج مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية على مدى 15 دقيقة، مجموعة من تجارب النساء العاملات في المستوطنات الزراعية الإسرائيلية في الأغوار، وما يتعرضن له من غياب للحقوق والاستغلال والسيطرة، والمعاملة التي أقرب ما تكون من "الحيوانية"، وصمتهن عما يتعرضن له خوفاً من التأويل وعدم فهم ظروفهن.

 

لقد أثار الفيلم مجموعة من الأسئلة، وأفرد مناطق متنوعة للنقاش: من المسؤول ...؟ ما الذي يدفع المرأة لقبول هذا الاضطهاد وسرقة حقها؟ ما الذي يدفعها للعمل في ظروف أكثر من صعبة؟ إلى متى ستبقى النساء تدفع ثمن الصمت والقبول؟ كيف يمكن للنساء أن تحارب الظلم والقهر الواقع عليها وعلى مجتمعها؟ كيف يمكن للمرأة أن تقوي من دورها الإنتاجي والاجتماعي؟ والكثير من الأسئلة والتساؤلات.

 

لقد رأت بعض المشاركات أن المرأة تتحمل مسؤولية وضعها ودورها؛ سواء في الأغوار أو باقي المناطق، وهي غير مضطرة إلى العمل، إلا أن مشاركات أخريات ارتأين ضرورة عمل المرأة بجانب الرجل في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الاستقلالية الاقتصادية، أي على الجميع أن يعمل، ولكن غياب الحاضنة الاجتماعية التي تنمي دور المرأة وتحافظ أكثر على حقوقها هو الأكثر ضرورة للحضور والتفعيل.

 

وناقشت المشاركات تجربتهن في مشاريع تنموية سابقة، وكيف كانت مشاريع استعراضية غير جدية كان مصيرها الفشل واضمحلال الفكرة والمشروع، لم ينعكس آثارها على المرأة، إلا أن إعادة التأمل في مثل هذه المشاريع ضروري لخلق نوع من الوعي والفكر الذي يساهم في التغيير نحو الأفضل.

 

 

عرضت بعض المشاركات تجربتهن ورحلتهن في العمل، فتقول المعلمة أمل ذيب: " لقد بدأت عملي في إحدى المصانع الفلسطينية من الساعة الثامنة وحتى الرابعة براتب قدره 700 شيكل شهرياً، وهناك الكثير اليوم ممن يعملن بهذا المبلغ، ولكني لا أستطيع أن أرفض، فحاجتي كانت قوية من أجل التعليم والاكتفاء الذاتي، لم أستسلم وحاربت حتى تحررت من هذا الظلم، وأعمل اليوم معلمة".  وكان هذا ضمن الحديث عن اضطهاد المرأة العاملة عالمياً، وبخاصة في الدول العربية، وتجربة النساء السريلانكيات والفلبينيات نموذجاً.

 

وتناقش المشاركات الحاجة إلى ضرورة العمل على الثقافة وتنمية الوعي المجتمعي، فتقول "أم أحمد" (إحدى المشاركات): "إننا بحاجة إلى الكثير من الفهم والوعي الاجتماعي، نحن بحاجة إلى الكرامة، والحاجة حلت محل الكرامة، ولا تتحقق الكرامة إلا بالاستقلال، ومفتاح الاستقلال يبدأ بالاستقلال الاقتصادي، فالاحتلال يعمل على صناعة هذه الحاجات الاجتماعية، ونمط حياة مختلف لا يساعد تحرر شعب محتل، فأصبحنا عبيد الحاجة".

 

وأثار موضوع الكرامة الكثير من حفيظة المشاركات، فتقول اكتمان الخواجا: إن المس بكرامة العامل أو العاملة على المعابر الإسرائيلية، هؤلاء الساعون نحو أرزاقهم، لا تساوي شيئاً أمام التنازل والكرامة المغتصبة في طوابير الانتظار للفلسطينيين المنطلقين نحو الداخل الفلسطيني للسياحة والاستجمام".

 

تعتبر أراضي الأغوار من المناطق المهمشة فلسطينياً، ومستهدفة إسرائيلياً، حيث إن أكثر من 86% من هذه المناطق يحظر دخوله على الفلسطينيين، وغير مسموح لهم استغلالها أو الاستفادة منها، بالمقابل أنشأت إسرائيل أكثر من 30 مستوطنة زراعية في الأغوار ونهبت المياه، وأصبحت النساء الفلسطينيات يعملن على أرض كانت مملوكة لهن بالأساس، ليتحولن إلى عاملات بأجور بخسة، ومعاملة دونية تشبه حياة العبيد في مزارع العصور الوسطى، يعملن في زراعة يعود ريعها وأرباحها إلى الاحتلال، إذ إن أكثر من نصف مليار شيكل معدل صادرات الاحتلال الزراعية من الأغوار.  هكذا أصبح كل شيء دامياً، تحولت المرأة الفلسطينية من سيدة على هذه الأرض إلى مضطهدة عليها.

 

تجدر الإشارة إلى أن مركز المعلمين يفعّل نادي السينما لهذا العام مع مجموعة من نساء البلدة، بغرض زيادة الثقافة السينمائية، والتحول الإيجابي في التفاعل مع المرئي والمسموع، واستخدامه كمصدر ثقافي توعوي في سياق اجتماعي.