"مشروع المنطقة الشرقية" يؤسس لرحلة من التعلم الجامع بين الفن والبحث والأنشطة المجتمعية

الرئيسية في القطان الأخبار "مشروع المنطقة الشرقية" يؤسس لرحلة من التعلم الجامع بين الفن والبحث والأنشطة المجتمعية

في ثلاثة مسارات مع ثلاث مجموعات مختلفة، انطلق مشروع المنطقة الشرقية-نابلس، برؤيةٍ تؤكد أهمية الدور الذي يستطيع الفن أن يلعبه ويلبيه في استكشاف قضايانا اليومية، والانشغالات المجتمعية، مؤسساً لرحلة طويلة من التعلم الجامع بين الفن والبحث، والفعل المجتمعي الموازي له على أرض الواقع، إلى جانب إعطاء التعرف على الذات والتعبير تركيزاً كافياً ضمن الأنشطة، واللقاءات، إيماناً بأن فرادة الشخص هي قيمة مضافة للمجتمع، وأن الهدف من خلق إسهامات فريدة هو تكوين شخصيات فريدة.

 

نحج المشروع حتى الآن بتشكيل مجموعتين من المجموعات الثلاث المستهدفة، وهما مجموعة من الطالبات في منطقة روجيب (13-15 سنة)، ومجموعة من طالبات وطلاب الفنون في جامعة النجاح الوطنية.  فيما بقي تشكيل المجموعة الثالثة، التي ستضم أفراداً من المجتمع المحلي وسكان منطقة حي بلاطة الجديدة، تحدياً من تحديات المشروع.

 

لم يأتِ المشروع بخطةٍ جاهزة، بل، على العكس، فقد اعتمد في مساره على مخرجات اللقاءات التي نفذت وتنفذ مع المجموعات الشريكة، حيث بني تدخل المجموعة، بتشكل المجموعة نفسها، وفهم الميدان بشكل عميق.  وقد وظف فريق المشروع منهجية الاستقصاء والمسح الميداني في فهم المنطقة، والملاحظة كأداة معرفة، وذلك من خلال تنفيذ المجموعات المشاركة زيارات ميدانية، وجمعهم المعلومات من خلال الإنترنت، حتى يقوموا بتحديد المشاكل والقضايا. فيما كان فريق المشروع قد عرفهم بدايةً على الأدوات، والمناظير التي يمكنهم النظر من خلالها، لتتبع هذه الجولات لقاءات تفكيكية، للبحث في ما جمعوه، والاطلاع على تجارب فنية سابقة ناقشت قضايا مشابهة.

 

كانت اللقاءات الاستكمالية تتمحور، بشكل أساسي، حول تعريف الطلاب والطالبات ضمن فريق المشروع بمفوم الفن في السياق الاجتماعي، والأهمية النابعة من دور الفن في استكشاف القضايا الاجتماعية المحيطة بهم، والتعبير عن احتياجاتهم باستخدام أدوات الفنون البصرية المتعددة، وتشكيل مساحات فنية آمنة للتعبير عن أنفسهم، بالاستناد إلى النقاش والحوار مع المحيط والمجتمع، بحيث لم يعد النقاش وحده كافياً للفت النظر إلى قضية ما، فالانشغالات كثيرة، وتحتاج إلى أداة تستطيع إبراز أهمية هذه القضايا، وبخاصة عندما تكون نابعة من فئات يافعة، وهنا تبلورت أهمية توظيف الفن كأداة للتعبير عن مشاكل المناطق المهمشة، وجذب اهتمام المسؤولين وتوجيه نظرهم للاهتمام بمشاكلها.

 

فعلى سبيل المثال، يشير أحد منفذي المشروع عصمت زيد إلى تفاصيل اللقاءات مع مجموعة طالبات روجيب قائلاً: "كان اللقاء الأول مع الطالبات يهدف إلى استكشافهن لاحتياجاتهن، مركزاً على تعريفهن بالمشروع، إلى جانب فهم دوافعهن من الانضمام، وذلك بهدف تعميق انخراطهن فيه.  لتتبعها المرحلة الثانية التي ركزت على تطوير أدواتهن في التعبير عن أنفسهن باستخدام الفن، متدرجين فكرياً وتقنياً بما يناسب مرحلتهن العمرية" وأضاف: "خلال أحد اللقاءات، جاء التمهيد لمبادرة شكلتها الطالبات بتنظيم فعالية مشاهدة فيلم أنيمي ياباني بعنوان "من أعلى تلة الخشخاش"، الذي قمنا بعرضه في مؤسسة عبد المحسن القطان، يحكي الفيلم فكرة أساسية مفادها تشكيل طلبة من مدرسة ما حراكاً طلابياً لحماية ناديهم الذي يحتوي أفكارهم وإبداعاتهم، من الهدم، ببساطة، ما عزز الحماس لدى الطالبات، ولفت انتباههن إلى عدم امتلاكهن مساحة للتعبير، أو مساحة خاصة بهن، ونتيجةً لذلك طالبن بتأسيس مركز ثقافي بهدف تنفيذ النشاطات والفعاليات".  ليحملن بدورهن هذا المطلب وبشكل جدي إلى المجلس القروي، عبر لقاء معه، حيث شاركن فيه بأن واحداً من احتياجاتهن الأساسية في هذا السياق الاجتماعي، كما هو سائد في روجيب، هو عدم توفر مساحة للإناث بعد المدرسة، وطالبن بتوفير هذا المكان، فيما يسعى المشروع لاحقاً لتنفيذ نشاطات تعاونية بهدف ترميم هذا المكان.

 

أما بالنسبة لمجموعة طلبة جامعة النجاح، فقال زيد: "حاولنا في المشروع تشجيع طلبة الفنون للتعبير عن قضايا المجتمع خارج نطاق المحاضرات والقاعات الجامعية، وتم تنفيذ جولات ميدانية في منطقة روجيب لفهم احتياجات المنطقة، وكيف يمكن فهم الحيز الجغرافي والاجتماعي للتعبير عنه بأدوات الفن، وقد سلط الطلبة الضوء على أربع قضايا أساسية، كقضية النفايات، والإشارات المرورية بالشوارع، والحيوانات الضالة بالشوارع، وقضية السيارات المشطوبة في المنطقة، بهدف ترجمة المعرفة النظرية التي يتعلمونها كطلبة فنون، وكيف يمكن توظيفه لإنتاج أعمال فنية فريدة تعبر عن قضايا المجتمع ومشاكله في المنطقة".

 

ويشير زيد إلى زاوية مهمة جداً من توجهات المشروع، حيث يعبر المشروع عن نفسه بأن تمت بلورة مساراته، من خلال فهم المجموعات وبنائها، كيف ستبدأ هذه المجموعات التي لم تتعاطَ بهذا الشكل مسبقاً مع الفن في التعبير عن أنفسهم من خلاله؟ وكيف ستتعامل مع بعضها البعض كمجموعة؟ وبالتالي كيف تفهم كونها جزءاً من مجتمع أكبر، يختلف عنها في كثير من الجوانب، ويشغله انشغالاتها في جوانب أخرى كثيرة؟

 

يشار إلى أن مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعيّة ينفذ بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطَّان، وبتمويل مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC).