مهرجان نوّار نيسان: البحر يأتي إلى رام الله

الرئيسية في القطان الأخبار مهرجان نوّار نيسان: البحر يأتي إلى رام الله

كم مرّة سيُتاح للأهل أن يطلبوا من أطفالهم إفراغ أحذيتهم ونفض ملابسهم من الرّمل قبل الدخول إلى المنزل؟

 

هذا ما حدث في اليومين الماضييْن على الأقلّ؛ فعلى الرغم من بُعد البحر عن رام الله مسافةً وحواجز، حمل مهرجان نوّار نيسان هذا العام عنوان "إحنا والبحر"، وأبحرَ الأطفالُ على متن قوارب عديدة؛ صمّمت مؤسّسة عبد المحسن القطّان العديدَ منها.

 

أوّلها معروضة بحر 5D، التي حوّلت غرفةً في المحكمة العثمانيّة إلى قطعة من بحر غزّة، عبر شاشةٍ كبيرة مصمّمة بحجم مدى العين؛ تعرض مقطعاً مصوّراً سجّلته مؤسّسة القطّان حين زار أعضاء من فريقها القطاع في الأسبوعيْن الماضييْن، وأمامه شاطئ رمليّ تناثر عليه الصَدَف الذي جُمع في غزّة أيضاً.

 

قالت هبة برقان -التي صمّمت المعروضة مع زميليْها رامي محتسب وعُمر جرّار- إنّ الفكرة المُعتمدة في "البحر 5D" هي كوْن الإنسان لا يدرك الأمور فعلاً إلّا بحواسه؛ ولذلك خوطبَ النظر بالفيديو والسمع بصوت الأمواج الحقيقيّ، واللّمس بالرّمل والصدف، وتمّت تجربة أكثر من خليط لخلق رائحة البحر أيضاً؛ كالماء والملح، أو جلب ماء من المسمكة، كما جُرّبت موادّ كيماويّة.

 

وأكدّت برقان أنّ مرحلتيْ الرائحة وخلق شعور تلاطم الأمواج ستطبّقان خلال عمليّة تطوير المعروضة في الفترة القادمة.

 

حسّ المفاجأة والخيال كان عنصراً مهمّاً من تجربة الأطفال؛ فكانوا ينطلقون للّعب بالرّمل حالاً بعد الدهشة الأولى إثر فتح الستار على الغرفة، وسرحوا في خيالهم أكثر، فنادى أحدهم على صديقه: "يلا نسبح!"، وأكّد طفلٌ آخر أنّ بيته الرمليّ ستهدمه الأمواج، فعليه أن يحترس منها.

 

كتبَ الأطفال عن شعورهم على ورقةٍ عُلّقت على الجدار، وجاءت كتاباتهم على نحو: "جميلٌ جدّاً هذا الشعور"، و"شعوري كان حلو مثل تنين جمب بعض!"، واختلف طفلان حول ما إذا كانت حقيقة أو خيال فكُتب: "هذا عالمٌ خياليّ!"، وفي السطر الذي يليه عبارة ثانية: "أنّا حسّيت إنها هذه حقيقة".

 

وبينما كان الأطفالُ على الشاطئ؛ كان غيرهم في الساحة يجرّبون تشغيل قوارب صغيرة صمّمها عُمر جرّار من الفلّين لتطفو، وقد ركّب لها مراوح ومحرّكاً من لعبةِ سيارةٍ يتمّ التحكّم بها عن بُعد.

 

وتضمّن نوّار نيسان تجاربَ تفاعليّة عن الظّلّ ومزج الألوان، كما عملَ زائرو المهرجان على أعمالٍ يدويّة؛ وذلك باستخدام الأوراق الملوّنة والمعكرونة والألوان، وصنعوا لوحاتٍ حول الأسماك والبحر.

 

وعلى بعدِ أمتار؛ صمّم "عكرمة أسمر" أربع تجاربَ تحاكي ظواهرَ طبيعيّة حول البحر، مثل الدوّامات مثلاً التي تعتمد على "قوة الطرد المركزيّ"، حيث يُحرّك الأطفالُ وعاءً زجاجيّاً فيه ماء بطريقةٍ دائريّة؛ فتتجه جزيئات الماء إلى الأطراف نتيجة الحركة الدورانيّة، وكلّما زادتْ السرعة يتّسع قطر الفراغ في المنتصف، وذلك تماماً ما يحصل في الدوّامات التي تبدأ ضيّقة وتتّسع شيئاً فشيئاً.

 

ومن يمرّ على التجارب التي صمّمها أسمر؛ سيتفاجأ في إحداها بأنّ المرّيخ كان لونه قريباً من لون كوكبنا؛ ولكنّه أصبح أحمر كلوْن الصدأ؛ فتنتهي الجولة عند سؤال: "بعد أن علمنا ماضي المرّيخ؛ ما مستقبل الأرض إذاً؟"؛ ولكنّ انتهاء الجولة قد يعني، من جهةٍ أخرى، بدء مرحلةٍ جديدة من التساؤلات التي يحملها الأطفال معهم إلى منازلهم.

 

كما أعادت مؤسّسة القطّان البحرَ إلى حديقة ردانة، حيثُ نُفذّت ورشةُ "فنون وعلوم" بإشراف سمر قرّش الباحثة في مشروع وليد وهيلين القطان لتطوير البحث والعلوم، وجاءت تحت اسم "رجع البحر لعنّا".

 

ولم تقتصر فعاليّات مهرجان نوّار نيسان على المعروضات العلميّة؛ بل عرض المهرجان ابتداءً من 31/3 إلى 2/4 مجموعةً متنوّعة من الأنشطة في كلّ من رام الله وبيرزيت وعكّا وغزة، تشمل عروضاً حكواتيّة، وورشاً في تدريب الرقص الشعبيّ، وتصنيع آلات موسيقية، وتدريبات لفنون السيرك، وعروض أفلام ... وغيرها.

 

من الجدير بالذكر أنّ منظّمي مهرجان نوّار نيسان هم بلدية رام الله، ومركز الفنّ الشعبيّ، ومؤسّسة تامر للتعليم المجتمعيّ، وسريّة رام الله الأولى، بالشراكة مع مؤسّسة عبد المحسن القطَّان، ووزارة التربية والتعليم العالي، ومركز ثقافة الطفل في مؤسّسة الأسوار في عكّا، والمركز الثقافّي الألمانيّ الفرنسيّ، ومشتل جذور، ومدرسة سيرك فلسطين، وجمعية الكمنجاتي، ومركز جبل النجمة، وعشتار لإنتاج وتدريب المسرح، ومؤسّسة النيزك للتعليم المساند والإبداع العلميّ، ومركز المعمار الشعبي - رواق.