مُشاركون ومُنظّمون جنباً إلى جنب
هاكثون "القطان" الرقمي .. ثقافة عصرية وتجربة تعلّمية غنيّة
أصبح الهاكَثون ثقافة منتشرة كحدث يجتمع فيه المتنافسون ممن لديهم الشغف في حقل التكنولوجيا وريادة الأعمال بشكل رئيسي، من ذوي الخبرات التقنيّة والعلميّة والبرمجية المختلفة للقيام بعمل مشروع ريادي معين، يُلامس بشكل مباشر احتياجات معيّنة، ويقدم حلولاً للمجتمعات.
ولأننا في زمن "كورونا" التي أعادت تكوين العالم رقمياً، فيُمكننا القول أن هاكثون القطّان الرقمي للابتكار بنسخته الأولى للعام 2021، اتسم بتدفق الأفكار الريادية والملهمة في مجالات عدة: كالتعليم، والتكنولوجيا، والصحة، والزراعة، فجمع المنخرطين (أطفالاً ويافعين) نحو شغف واحد، والمرشدين/ات وفريق عمل دؤوباً، لتمكين المشاركين كافة في مدن فلسطينية عدة، من الانخراط في الهاكثون، وخوض تجربة تعلمية جديدة، في بيئة رقمية محفزة للعصف الذهنيّ، والخروج بأفكار إبداعيّة مبتكرة وقابلة للتطبيق، لتتحول فيما بعد إلى مشاريع ريادية تحقق المنفعة المستدامة.
الهاكثون .. كيف تحدّث عنه المشاركون؟
حلا عابد (14 عاماً)، من فريق (We Teach)-غزة: "دخلنا التجربة في بادئ الأمر، ونحن نحمل فكرة نريد أن نطرحها فقط، إلا أننا وجدنا أنفسنا نستكشف ونتعلم ونبحث ونطوّر في فكرتنا طوال فترة انعقاد الهاكثون، إلى أن وصلنا للنهائيات، وأحرزنا نجاحاً بحصولنا على المركز الثاني، أما الفوز الأهم بالنسبة لنا، هو تلك المعرفة والمهارة التي اكتسبناها نحن كفريق".
وتابعت عابد: "في المرحلة الأولى وصلتنا رسالة نصية عبر الهاتف النقال، بدأت بكلمة تهانينا تأهلت فكرتكم ... كانت تلك الشرارة الأولى التي انطلقنا بها بعزيمة وإصرار كبيرين، وبها انطلقت رحلتنا في الهاكثون مع فريق العمل المنظم للمسابقة."
وأضافت عابد أن الهاكثون وفر للمشاركين فرصة نوعية، موضحة أنها وفريقها تلقوا تدريبات مكثفة، وشاركوا في لقاءات أضافت لهم الكثير ووسعت مداركهم، لافتة إلى أن "فريق العمل القائم على المسابقة في مركز الطفل كان معنا خطوة بخطوة، لنقدم فكرتنا بحيث تكون قوية ومقنعة وممتعة في آن واحد".
أما تالا أجاص (14 عاماً) أحد أعضاء فريق "سماعة كفيف"- رام الله، الذي فاز بالمركز الثالث، فقالت: "كانت تجربتنا الأولى مع مؤسسة القطان، وكانت من أجمل التجارب التي عشناها، حيث تعلمنا أشياء جديدة وممتعة وتعرفنا على أفكار ملهمة من الفرق الأخرى، وتمنينا أن تذوب الحواجز وتتلاشى يوما ما، لنتمكن من زيارة غزة، فقد أصبح لنا فيها أصدقاء جدد، تقاسمنا اللحظات الممتعة معاً".
وقال عمر الغصين (15 عاماً) من فريق "نظام أمان" – غزة، الذي تأهل فريقه إلى مرحلة العرض النهائي: "على الرغم من أن فكرتنا لم تفز بأحد المراكز الثلاثة الأولى، إلا أننا فخورون بهذه المشاركة، وطريقنا لتطوير الفكرة مستمر، وهو حافز بالنسبة لنا للعمل عليها، وألا ننتهِ هنا بانتهاء المسابقة".
ووافقته الرأي زينة قاسم (15 عاماً) من فريق "زراعة عن بعد" – غزة، الذي وصل إلى مرحلة العروض النهائية، مُعربةً عن استفادتها من التجربة التي وصفتها بالرائعة كونها أضافت إليها خبرات ومهارات، وعززت لديها العمل بروح الفريق، قائلة: "رحلة التعلم لا تقف عند حد معين أو عند فكرة ما، فأننا لم نفز لا يعني لنا أن فكرتنا لن تنجح في المستقبل، فالأفكار تظل تتطور إلى أن تنضج، وبرأيي كل الأفكار المتأهلة هي أفكار تستحق التطبيق والدعم حتى تتحقق".
بدوره، قال المهندس نادر الجرف مدير مجتمع فلسطين-منظمة شركات ناشئة بلا حدود، وأحد المرشدين خلال مرحلة تنفيذ الورشات المتخصصة: "كنت مرشداً لثلاث أفكار تهتم بالتكنولوجيا الصحية، ومشاركتي كانت ضمن تخصصي، وهو هندسة المعدات الطبية".
وأضاف الجرف: "في البداية، كانت أفكار المشاركين عامة، وبحاجة إلى إضافة المفهوم التقني، وآلية التطبيق والتعديل على نموذج العمل والفئات المستهدفة وتوضيح المشكلة والحلول التي تقدمها أطروحاتهم".
وتابع: "أبهرني شغف الأطفال وأفكارهم وتساؤلاتهم، التي تنم عن مستوى ممتاز من المعرفة، إلى جانب حب الاستطلاع والفضول والمهارات المميزة التي يحظون بها، وأتمنى أن يتم تنفيذ مزيد من البرامج المتقدمة".
من جهتها، قالت المهندسة بتول إسماعيل التي عملت مرشدة في الهاكثون: "قدمت الدعم اللازم للفرق المشاركة، وضعنا أهدافاً محددة، حتى نتمكن من تطوير الأفكار وقابليتها للتطبيق، واضعين أمامنا التحديات وكيف أن نتخطاها".
وأشارت إسماعيل إلى أن الأفكار التي عملت مع الفرق على تطويرها، قدمت حلولاً للقطاعين الصحي والزراعي؛ مثل: "خطوة ذكية" و"الزراعة عن بعد"، مشيرة إلى أن "طريقة عرض الأطفال ونمط تفكيرهم يُضاهي تفكير طلاب جامعيين، وهذا ما أدهشني".
أما المهندسة رشا عصمت حسن رئيس قطاع البرامج في جمعية مصر للثقافة وتنمية المجتمع، وأحد أعضاء لجنة التحكيم-مصر، فأوضحت بأن العروض كانت مذهلة، فقد عكست بوضوح قوة البرنامج التدريبي الذي تلقاه الأطفال واليافعون على نحو أثار إعجابها، كما أشارت عصمت إلى أن العروض أظهرت، بشكل جلي، مدى إدراكهم ووعيهم لظروف ومشكلات بلدهم، وقدرتهم على تقديم حلول خلاقة لتلك المشكلات، لافتة إلى أن: "تجربة الهاكثون تجعلنا ننحني احتراماً لكل من شارك فيها من أول الفكرة، والتشغيل، والإشراف، والمتابعة، حتى يوم العروض والتتويج، مشيرة إلى أن مشاركتها كعضو في لجنة التحكيم ستعلق في ذاكرتها، فعلى الرغم من خبراتها السابقة في التحكيم لمسابقات مشابهة في مصر، فإن هذه التجربة الأولى للتحكيم في هاكثون فلسطيني، أتاح لها فرصة الالتقاء بأطفال ويافعين فلسطينيين.
من جهتها، عبرت رند صافي، أحد أعضاء لجنة التحكيم-رام الله، عن إعجابها بالهاكثون كفكرة وتنظيم، قائلة: "من هنا تبدأ فكرة عالم الريادة وإحداث التغيير"، واصفة الأفكار بالمميزة؛ إذ حملت بعداً اجتماعياً وإنسانياً عميقاً، لافتة إلى أن المشاركين لديهم الرغبة والمقدرة على إحداث التغيير في مجتمعاتهم.
جدير بالذكر أن هاكثون القطان الرقمي للابتكار 2021، نظمه مركز الطفل-غزة/مؤسسة عبد المحسن القطان واستوديو العلوم، حيث ضم فريق العمل كلاً من: هيام الحايك، وعاصف الخزندار، وطارق أبو مريم، وعيسى الأزبط، في مركز الطفل-غزة/مؤسسة عبد المحسن القطان، ورامي المحتسب في استوديو العلوم-رام الله.
وأعلنت مؤسسة عبد المحسن القطان، مؤخراً، عن نتائج مسابقة "هاكثون القطّان الرقمي للابتكار 2021"، للأطفال واليافعين من 14-17 عاماً في فلسطين؛ التي أطلقتها المؤسسة في 17 شباط/فبراير 2021.
* للاطلاع على نتائج المسابقة: