"رواق" يختتم مشروع "العالم معكوس" في ريف القدس

الرئيسية "رواق" يختتم مشروع "العالم معكوس" في ريف القدس

اختتم رواق؛ مركز المعمار الشعبي، يوم الأربعاء 14 أيلول 2022، مشروع "العالم معكوس"، الذي نُفذ ضمن توجه المركز الهادف إلى إعادة إحياء الريف المقدسي وتطويره.

 

وكان المشروع قد ركز على الجغرافيات والتجمعات المقدسية المهمشة والمنقطعة، وذات الخصوصية العالية المنعزلة والبعيدة عن المشهد الثقافي العام، واستند إلى نتائج حوارات وورش عمل إبداعية استهدفت مختلف الشرائح في المجتمع، من نساء وأطفال وشباب.

 

جمع المشروع، في عمله، كلاً من قرى الجيب، وقلنديا، وكفر عقب، حيث عمل الأهالي مع مجموعة من الفنانين المحليين والعالميين، على تصميم مجموعة من الجداريات المميزة في الفضاءات العامة في أماكن سكنهم، وحرصت هذه الجداريات على إبراز دور الفئات المهمّشة في تشكيل بيئتها، وتعزيز ملكية المجتمعات المحلية لفضائها العام، فصورت الرسومات خصوصية هذه المناطق وهويتها، وعكست القضايا الأكثر إلحاحاً فيها، التي تؤثر، بشكلٍ مباشر، على حياة الناس، ومنها استخدام الفضاءات العامة، وحرية التنقل، واللعب.

 

في هذا السياق، تقول منسقة المشروع سجى منصور عن آليات تعزيز المشاركة المجتمعية: "بدأ رواق منذ إطلاق المشروع بتشكيل مجموعات بؤرية، عملت ضمن ورشات عمل مكثفة منذ تشرين الأول العام الماضي، مع مجموعة من السكان، للخروج بموضوعات الجداريات التي سيتم رسمها بحيث تعبر عن قضاياهم الملحة وهمومهم والمشاكل المحيطة بمجتمعاتهم، مع إشراكهم في إنتاجها في نهاية المشروع بالطبع، حيث شكلنا ورشاً مع الأطفال من الصفوف الثالث والرابع والخامس، وفئة المراهقين من الصفوف التاسع والعاشر والحادي عشر، وفئة الشباب والنساء.

 

وأضافت: "لهذا قمنا بإطلاق تسمية "العالم مكوس"؛ كوننا لا نسعى إلى أن يرسم الفنان جدارياته ويقوم الجمهور بالتفاعل معها، وهنا يكمن العكس وأهمية الورشات التي نظمناها حتى نخلق حواراً مجتمعياً مع سكان المنطقة حول القضية العامة التي ستمكن الفنان من رسم جدارية تعكس واقعهم، بلغتهم، حيث يكمن الهدف من الورشات التي نظمها رواق في الخروج بالمواضيع العامة التي تعتبر الحجر الأساس للفنان لرسم جدارياته، إلى جانب تعزيز فعل المشاركة المجتمعية، وتشجيع الحوار حول هذه القضايا".

 

وعن الجداريات المرسومة، قام كلّ من الفنانين كراشكيد (كاسبر) وتقي سباتين، بالتعاون مع طلاب وطالبات مدرسة قلنديا الأساسية المختلطة في رسم وتلوين جداريتين على حائط المدرسة التي تقع على مدخل البلدة، حيث تجسّد الجداريتان الحق في السفر من فلسطين، وحرية التنقّل فيها، بطريقة طفولية وملوّنة.

 

وعلى جدران المركز التاريخي في قلنديا، تميزت الجداريات بعمق دلالتها المنعكسة في لوحات فنية طفولية ومرحة وغارقة في الألوان، فنرى قضايا سياسية واجتماعية عميقة، تجسدت في طفلة عائمة وبجانبها سمكة ترتدي قناع غاز، من إنتاج جمع الفنان جوليان مالاند (سيث) والفنان راني شرباتي، فيما رسم سيث، أيضاً، طفلاً يتسلق السلم للوصول إلى السماء، يتبعه على مسافة 30 متراً فقط، طفل يطلّ على العالم من أرجوحته، وفي غرفة لم يتم ترميمها بعد، يرسم سيث طفلة تفتح كتابها بانتظار شروق الشمس لتضيء صفحاته وتبدأ القراءة، كما استلهم الفنان، أيضاً، من التاريخ وحي أصالة المكان، برسم فتاة بملابس فلسطينية تقليدية تحمل على رأسها جرة فخارية كانت تستخدم بكثرة في المنطقة.

 

أما في قرية الجيب التي يقدر عدد سكانها بـ 4 آلاف نسمة، عانت الفتيات من عدم تمكنهن من الخروج واللعب في الشارع في سن معينة، فرسموا بالقرب من مقام الشيخ حامد في القرية، طفلاً يجلس أعلى جدار حجري لواجهة عليّة مهدمة لمبنى تاريخي، وطفلاً يتمعّن البلدة القديمة ويتجه بنظره إلى القدس المنفصلة عن قريتها الجيب وكلّ ما حولها من توغّلات استيطانية، ويراقب أطفال الجيب يلعبون في الزقاق ومساحاتها الطبيعية أيضاً.

 

وتعاني هذه المناطق الثلاث من افتقاد سكانها للخدمات، بحيث إنها تتبع إدارياً لمحافظة القدس، لكن بلدية الاحتلال تمتنع عن تقديم الخدمات لها.

 

هذا، ولم تقتصر الأعمال على اللوحات المذكورة، فهناك لوحات استحضرت مطار قلنديا، وأخرى حاكت العزل بين قرى القدس وبلداتها، وبعضها حاولت كسر الجدار، أو تخيل المستقبل و"أرض الأحلام"، وكلها جاءت مستلهمة من الرموز المحلية والموضوعات من المناطق المحيطة.

 

سعى المشروع إلى تمكين مجموعة من الفنانين الفلسطينيين الشباب، من خلال تشبيكهم مع فنانين عالميين، وتمرير خبراتهم بشكل متبادل، وقد نُفذ المشروع بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان، وبتمويل مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC)، ضمن الدورة السادسة من منح مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية".