وصل مشروع غرس، الأربعاء 11/01/2023، إلى آخر محطاته الفنيّة، بإنتاج لعبةٍ تعليميّة تحمل اسم المشروع "غرس"، تم إطلاقها ضمن حفل ختاميٍّ شَمل فعاليات عدّة، نُفذت في مسرح إسعاد الطفولة بمدينة الخليل، وسط حضورٍ كبير من الأهالي والأطفال والأصدقاء المساندين والمؤمنين بالمشروع.
وحول اللعبة، التي لخّصت مسار المشروع الذي امتّد على مدار سنة، فهي تمثّل التقويم الشعبيّ الخليليّ تحديداً، وهي مكوّنة من أربع قطعٍ، كلّ قطعةٍ تمثّل فصلاً من فصول السنة، بقوانين خاصة، ومن خلالها يستطيع الطفل/الفرد أن يسافر في رحلة تحاكي الممارسات الشعبيّة الخليليّة، ونمط الحياة فيها، والأكلات الموسميّة في كلِّ فصلٍ من فصول السنة.
تستعرض اللعبة رحلةً حافلة بالفعل المجتمعي، حيث بدأت بمجموعة من اللقاءات الحوارية، التي قُدمت بعنوان (لمّة وحكي)، مع أهالي منطقة "وادي الغروس"، والمناطق المجاورة لها، من أجل التعرف على ثقافة أهالي المنطقة، بعد أن تم جمع المعلومات والاستبيانات. وقد شمل المشروع، أيضاً، ترتيب وتنفيذ فعاليات وأنشطة عدّة لمختلف الفئات العمريّة، ورحلة، ومسار بيئي، وفعاليات رسم للأطفال، إلى جانب عقد أنشطة لتعلّم طهي الوجبات الخليليّة الموسميّة لإحيائها.
انبثق عن المشروع معرض رسومات، جسّد مشاركة الأهالي والأطفال والشركاء، الذين يمثلون "النواة التي كونت الغرس، وشكلت اللعبة"، بحسب قول منسقة المشروع هبة النتشة.
وأضافت النتشة: "انطلقت رؤية المشروع من ضرورة توفير البيئة الخصبة في مجتمعٍ مستعد لاستقبال البذرة، لتتمكن من النضوج في المكان الذي تزرع فيه وتصير غرساً، ومن هنا جاءت تسمية المشروع".
وسعى المشروع إلى استخدام الثقافة والفنون في تحفيز المشاركة المجتمعيّة في منطقة "واد الغروس"، والمناطق القريبة منها، عن طريق إطلاق حوار مع الأهالي ودفعهم إلى البحث والسعي في سبيل التعبير عن أنفسهم، بأساليب فنيّة مختلفة، لعكس قضاياهم وتطلعاتهم المستقبليّة، وتحفيزهم للحفاظ على موروثهم الثقافيّ، وصولاً إلى خروجهم بمنتجٍ نهائي يحمل تمثلات ثقافة المدينة، ويقاوم التهميش والإهمال الذي تعاني منه هذه المناطق.
وتعاني منطقة وادي الغروس من حصار مستوطنتي "كريات أربع"، و"خارصينا"، وهي تقع، بحسب تصنيف أوسلو في منطقة "ج"، دون وجود مسافة تذكر بين بيوت المنطقة وتلك المستوطنات. وتنتشر في المنطقة 5 حواجز عسكريّة.
وفي ظل واقعٍ سياسي صعب، وما يفرضه من تأثيراتٍ على السياق الاجتماعي، حاولت النتشة رسم مخيّلة بديلة لمنطقة وادي الغروس بدون احتلال، حيث السيارات الفلسطينيّة والحافلات المدرسيّة تتحرك بحرية، والشوارع مرصوفة، والمنطقة غير محاصرة.
جاء المشروع بمبادرة من جاليري تشكيل، الذي أسسه الزوجان هبة النتشة وعبد الرحمن المدلل، عبر تأهيل مساحة خاصة من منزلهما للجاليري، استجابة لحماسهما وتطلعهما لإحداث تغيير في مجال التعليم عن طريق توظيف موروث المجتمع وثقافته، وتوظيف الفن كوسيلة تعلم بديلة لمختلف الفئات العمرية، موظفين خبرتهما المهنية في سعيهما إلى التغيير، حيث إن النتشة تعمل معلمة، أما المدلل فهو فنان تشكيلي.
يُشار إلى أن مشروع غرس يُنفذ تحت شعار "غرسوا فأكلنا، ونغرس فيأكلون"، ضمن الدورة السادسة من مسار المنح في مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعيّة، وبدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان، وبتمويل مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC).