استهدف المشروع، بشكل رئيسي، الفئة الفتيّة من مجتمع القرية، بالتركيز على تمكينهم من أدوات فنية وتعبيرية مختلفة، تضمنت الرسم، والكتابة الإبداعية، والأنيميشن، إلى جانب توظيف أدوات الإعلام البديل كوسيلة لتسليط الضوء على القرية وقضاياها، وقضايا فئة الشباب بشكل خاص. إلا أن الأداة لم تكن تحديداً هي الهدف، إنما ما يتم طرقه من قضايا، وما يتم عرضه من طرق تفكير، من خلال السياق التعلمي التشاركي الذي سلكه المشروع، وما تكرّس في حواراته من تجارب معرفية بديلة ذات بعد نقدي. هذا ويحاول المشروع من خلال ذلك كله؛ خلخلة مفاهيم سلبية متجذرة، مثل تغييب قضايا المرأة واحتياجاتها، وعدم وجود انتماء للمكان، وإهمال التعليم في أعمار مبكرة.
تم العمل خلال المشروع في ثلاثة مسارات، الأول؛ تناول الجانب الانطباعي لشباب القرية عن القرية نفسها، والتركيز على أهمية العمل التطوعي، وقد تم في سياقه العمل على تجميل المكان، من خلال تنفيذ مبادرات بيئية، شملت العمل على تحسين مظهر فضاء القرية العام، من خلال طراشة الجدران، ورسم الجداريات وتلوينها، وهو ما من شأنه أن يترك انطباعات بصرية إيجابية عن المكان، تم لمسها في تعبير أحد الشباب الذي قال: "الآن صار عند الطلاب الرغبة بالمشي في المدرسة". إلى جانب أن ما تطلبه ذلك من جهد جماعي من الشباب له أن يزيد من ارتباطهم بالحيز، والبذل من أجله بمختلف الطرق، وأن يؤثر ذلك على دافعيتهم وتحفيزهم على العمل والإنجاز من أجل المكان مستقبلاً وبشكل دائم.
أما المسار الثاني؛ فيتناول انفتاح القرية على المحيط الأوسع، والخوض في حوارات معه، ليأتي جزء من هذا التدخل على شكل زيارات ومجاورات مع طلاب من جامعات مختلفة، مثل طلاب جامعتي بيرزيت والعربية الأمريكية، بتخصصات علوم اجتماعية مختلفة كالصحافة، وخوض حوارات جماعية، وأخرى ثنائية، لعبت دوراً في إثارة العديد من الأسئلة لدى الطرفين، والتفكير بفرص التأثير، واحتياجات المكان. وقد ركز على التساؤل حول واقع القرية وتحدياتها، التي قام الشباب بعرضها لاحقاً من خلال تصوير فيديوهات قصيرة.
أما المسار الثالث والأخير؛ فقد ركز على رفع وعي الفتيات بحقوقهن، وتحفيزهن على التعبير والمشاركة في الفضاء العام، عبر بدء الحوارات، منذ بداية المشروع، لتأسيس منتدى فتيات في القرية، استجابةً لما تعانيه فتيات القرية من عدم وجود أي مساحات تشاركية تحتويهن، وصعوبة التلاقي في منازل بعضهن البعض لصغر حجمها، أو لعدم الرغبة في الاختلاط مع الذكور من العائلات الأخرى، واكتظاظ المنازل في الوقت ذاته. انعكس هذا المسار سريعاً، وبشكل ظاهر، على صفات الشابات المشاركات، بأن أصبحن أكثر جرأة في التعبير بحسب قول منسق ومنفذ المشروع الباحث المجتمعي أحمد حنيطي، الذي أضاف: "يظهر التغير المبدئي بوعي فتيات القرية باحتياجاتهن وحقوقهن بالمطالبة بها من خلال الحوارات والتعليقات التي ينتقدن فيها بعض السلوكيات في المحيط، إلى جانب مشاركتهن الواعية في المبادرات والأنشطة الأخرى، وفرضهن وجودهن الفاعل طوال الوقت".
وانتهج المشروع في ورشه ومساراته الثلاثة؛ خط عمل يضع أهالي القرية كما يضع الفنانين والنشطاء من خارجها موضع المسؤولية في تغير واقعها وتطويره، ويحث الطرفين على الانشغال بها، ليتشكّل هدفه الجوهري بكسر عزلة المكان بما يتقاطع مع احتياجات الناس فيه، وطبيعتهم، وثقافتهم، متمثلاً باستقطاب فنانين وممارسين ثقافيين لتنفيذ أنشطة فيها، وما يحمله ذلك من تحاور مع أهلها، والتعرف على ثقافتهم، وانحيازاتهم الفكرية، والعكس بأن يتجاور سكانها مع أشخاص من خارجها قد يمتلكون تجارب مشابهة لما تعيشه الزبيدات، أو تجارب أخرى تفتح رؤاهم على التنوع والاختلاف، والدور الذي يلعبه ذلك في تكون صورة متكاملة لكثافة الحياة.
يحاول المشروع أن يخرج الانتماء من حيز القول إلى حيز الفعل، والإشارة إلى ضرورة انعكاسه في الممارسات اليومية. هذا ولا ينفي أبداً ارتكازه على رغبة الشباب المشاركين واحتياجهم للتغيير، وهو ما يحاول ترسيخه كمشروع تشكل أفقياً، من خلال الحوار المستمر مع الشباب، ومع أصحاب القرار في المكان أيضاً، وهو ما يود أن يشجع على نقله من شاب إلى شاب، ومن أبناء إلى أسر. فيما ما زالت الصورة غير مكتملة، والعقبات والاحتياجات ما زالت كثير وكبيرة، ولكن السعي قائم، ومع أن الطريق ليس سهلاً، لكنه لا يقل أهمية عن الوصول، وما هذه المبادرة إلا تسليط للضوء على حكاية من مزرعة في الغور.
ينفذ المشروع بدعم من مؤسسة عبد المحسن القطَّان، وبتمويل مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC)، ضمن مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية.