أثناء رحلة بحث عن أغراض حملتها لاجئات في مخيم عسكر، هجرن من مناطق مختلفة العام 1948، لم يكن ليخطر ببال أحد، لا طالبات مبادرة "إنت من وين؟" في مخيم عسكر، ولا حتى مجموعة نساء المخيم المشاركات، أن إحدى النساء قد تفكر في أن تحمل "ماكينة خياطة" ثقيلة الوزن، على كتفيها وحدها، لتقطع فيها مسافة التغريبة، وصولاً إلى المحطة الجديدة المؤقتة.
ضمن سلسلة من اللقاءات حول جمع وتصوير أغراض ذات دلالات مهمة في حياة الناس وتجاربهم، والبحث في قصصها وذكرياتها، قامت طالبات مبادرة "إنت من وين؟"، وبمشاركة مجموعة من نساء المخيم بالتجول في المخيم، والتعرف على أغراض ذات صلة شخصية بهن، وتوثيق تلك الأغراض من خلال تصويرها، ضمن عملية أشرف عليها المصور علاء بدارنة، فيما يأتي هذا التوثيق مقدمةً لتحويل الصور المجموعة إلى مواد أدبية وفنية تصوّر شكلاً اجتماعياً يُحمل إلى المستقبل.
وأثناء هذه الجولة وجدن من ضمن هذه الأغراض والقصص، أن إحداهن قد حملت "ماكينة خياطة"، الماكينة اللاجئة؛ ماكينة أصرت صاحبتها على حملها من يافا إلى عسكر في نابلس، لتصبح ليست رفيقة الهجرة فحسب، بل رفيقة الحياة والحلم، ورفيقة الكفاح اليومي. ترى المعلمة سلوى أبو سالم أن الماكينة هي التي دعمتها في تحقيق حلمها بتعليم أبنائها.
لم تكن هذه القصة الوحيدة التي وقفت عندها المشاركات في المبادرة، فكثير من الحكايات وضعتهن أمام أسئلة وتخيلات عن التهجير، وارتباطه بهويتهن الممتدة والمرتبطة بالمخيم وحدث تشكله التاريخي، لتثير هذه الماكينة الكثير من الأسئلة في رؤوسهن.
وتتمحور المبادرة حول التراكم الهوياتي للاجئين واللاجئات في مخيم عسكر، فيما تسعى من خلال ذلك إلى إكسابّ مجموعة من الطالبات في المخيم ذاته المهارات اللازمة لنقل تجربة المخيّم والتعبير عنها وعن أنفسهن، بالتقاطع مع أدوات فنيّة متنوعة، ستقوم المبادرة باختتامها بتنفيذ تدخلات فنيّة في الحيّز العام في المخيّم.
في الإطار نفسه، تم تنظيم لقاءين لطالبات مدرسة بيتونيا الثانوية، شاركت فيه ثلاثون طالبة من مبادرة "بيتونيا مكان للتعلم المجتمعي" وبدأ اللقاء بإنتاج لوحة للحياة، ماذا تعني الحياة لكن/لك؟ ثم قامت الطالبات بتشكيل لوحة تعكس رؤيتهن للحياة.
وفي الانتقال من دلالة الحياة إلى إمكانية تحقيقها، عملت الطالبات على بناء أفكار لتدخلات في بيتونيا؛ تدخلات تشكل إضافة، أو تعالج مشكلة، حيث قامت الطالبات بوضع أفكار لهذه التدخلات.
وتخلل اللقاء، أيضاً، جولة في معرض "الحداثة الآنية: عن فبركة "إسرائيل" معمارياً في مركز القطان الثقافي–رام الله، من أجل مساعدة الطالبات على استلهام طرق للعرض والإقناع وأشكال توظيف فنية فاعلة.
يذكر أن هذه المبادرة تأتي ضمن مسار "مبادرة في موقع" في إطار مشروع "الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية" الذي تنفذه المؤسسة، بدعم مشارك من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (SDC).