أحد مشاريع "التكون المهني" في "القطان": درس في الأحافير يقود طالبات في الصف السادس إلى إنشاء متحف

الرئيسية في القطان الأخبار أحد مشاريع "التكون المهني" في "القطان": درس في الأحافير يقود طالبات في الصف السادس إلى إنشاء متحف

سجى، إيلاف، إيناس، رنيم، سديل؛ طالباتٌ في الصفّ السادس، لم يكنّ الأربعاء 7/12 في غرفةِ صفّهن في يبرود، لأنّهن كنّ منشغلات في اجتماع رسميّ مع مدير مركز المعمار الشعبي "رواق" خلدون بشارة، يرتدين زيّهن المدرسيّ المخطط بالأزرق، وأمامهنّ أوراق وصورٌ تحمل مخططاً أوليّاً للمرحلة القادمة في مشروعهنّ؛ المتحف التفاعليّ للأحافير في قريتهنّ شمال شرقي رام الله؛ ويبحثنَ كيفيّة الاستفادة من خبرة "رواق" في مجال الترميم.

 

مسيرة المشروع

عرضنَ مسيرة مشروعهنّ، ومشروع عشراتِ الطالبات معهنّ، بدءاً من لحظة تحويل معلّمتهن سهاد السيّد درساً في كتاب العلوم حول الأحافير إلى تجربة "تعلّم عبر المشروع"، قبل سبعِ سنواتٍ، عوضاً عن اعتماد الحفظ والامتحانات التقليديّة؛ وانطلاقاً إلى خارج غرفة الصفّ، بحيث تم فيه توظيف الدراما والفنون ومنهج عباءة الخبير، إضافةً إلى التوثيق والبحث.

أشارتْ سجى لصورةٍ قائلة: "هون طلعنا ندوّر على أحافير، وكنّا نفكّر كلّ حجر هو أحفورة بالأول"، موضحةً أنّها حين تقول "نحن" تقصد طالباتِ صفّها و"أخواتها"، أي الطالباتِ الأكبر سنّاً اللواتي أصبحن في صفّ الثانوية العامّة، وبدأنَ المشروع حين كانتْ هي في الصفّ الأول الابتدائيّ، وما زلنَ منخرطاتٍ فيه؛ مؤكدةً مراراً: "لولاهم، لولا خواتنا، وكل إلي علّمونا إياه كان إحنا مش هون اليوم".

 

على مرّ السنوات السبعِ الماضية، لم تنخرط عشراتُ الطالبات في المشروع فحسب، بل أصبحَ حواراً مجتمعيّاً في القرية، فانضمّت الأمّهات والجدّات إلى عمليّة جمع الأحافير؛ خاصّة في موسم قطف الزيتون، وزارت الطالبات مكتباتٍ للحصول على مراجع إضافيّة، واستضفنَ خبراء محلّيين وأجانب، إضافةً إلى فنّانين، بحيث يصنعن الأحافير بأيديهنّ من الجبس لكي يتعلّمن أكثر عن شكلها، ثمّ عملنَ على تصميم شعارٍ لمشروعهنّ، وأقمنَ معرضاً تفاعليّاً للأحافير في نعلين، سبقته جولة في عين قينيا، أخذت فيها الطالبات عدداً من المشاركين في المعرض في رحلةٍ للبحث عن الأحافير؛ ليمرّوا بتجربتهنّ ذاتها قبل زيارته.

 

المسجد القديم يتحوّل إلى متحف

أصبحتْ هناك حاجةٌ لمكانٍ لحفظ الأحافير، وعرضها، وتحويلها إلى معروضاتٍ علميّة تفاعليّة، فكان أنسب مكان في القرية هو مسجدها القديم، لكنّ هذا الاقتراح لم يسِر بسهولة، وواجه معارضةً من إمام المسجد، نابعة من اعتقاده بأنّ المكان اكتسبَ قداسةً سيفقدها في حال تحوّله لمتحف.

 

ولكنّهنّ لم يستسلمنَ، وعرضن فكرتهنّ وكلّ ما بنينه في مشروعهنّ على الإمام، وكسبنَ موافقته، لينضمّ بنفسه لعمليّة تأهيل المبنى وتنظيفه وتزويده بخدمتيْ الكهرباء والماء، جنباً إلى جنب مع أهالي القرية، ومجلسها المحليّ، الذين ساهموا كمتطوّعين في خلقِ هذه المساحة، التي تنتمي إليهم جميعاً.

 

وأبدى "رواق"، ممثّلاً بمديره خلدون بشارة، موافقته المبدئيّة على البحث في احتياجات المبنى بدايةَ العام المقبل، بحيث يعتبر "رواق" مؤسسة رائدة، يتركز عملها في توثيق وإحياء المواقع المعماريّة الأثريّة، بمفهوم يبتعد عن مقاربة الترميم المألوفة التي تتعامل مع كلّ مبنى كوحدةٍ منفردة، بل باتّجاه استكشاف سياقٍ مدنيّ أوسع أثناء حماية موروثه.

 

الرؤيا والرسالة

يُعدّ مشروع الأحافير أحد مشاريع "التكون المهني"، التي ينفّذها برنامج البحث والتطوير التربويّ/مؤسّسة عبد المحسن القطّان، من خلال توظيف "التعلم عبر المشروع"، ويعمل باحثو البرنامج حاليّاً مع الطالباتِ ومعلّمتهنّ على تكوين رؤيا ورسالة واضحة للمتحف، وخطة لإدارته، وعلى خلقِ شعارٍ له.

 

وفي السياق ذاته؛ اجتمعت الطالباتُ، الأربعاء، مع مدير مسار اللغات والعلوم الاجتماعيّة في "القطان"، مالك الريماوي، والمنسق والباحث عبد الكريم حسين، اللذيْن يشرفان على المشروع.

 

وستُعقد في المرحلة القادمة ورش للطلبة والأهالي، بهدفِ فتح حوارٍ حول مفهوم المتحف وتحويله إلى معملٍ إنتاجيّ يجمع بين الفنون المحليّة وثيمة الأحافير، ويعدّ مكاناً لتطوير الخبرة والتفاعل؛ عوضاً عن استقبال الناس كروّادٍ متفرّجين؛ وذلك بالتعاون مع المجتمع المحلّيّ ومؤسساته، وبرامج "القطّان" المختلفة ومشاريعها، كفريق تطوير المعروضات العلميّة في مشروع وليد وهيلين القطّان لتطوير البحث والتعليم في العلوم، والبرنامج العام، ومشروع الثقافة والمشاركة المجتمعيّة.